من الوطن

المنتدى الوطني لحقوق الإنسان “بيان تخليد اليوم العالمي لحقوق الإنسان، على إيقاعات مونديال قطر 2022”

بيان تخليد اليوم العالمي لحقوق الإنسان، على إيقاعات مونديال قطر 2022
” لنتخذ من الرياضة، رافعة تنموية، ومنطلقا نحو التمتع بالحقوق، والقيام بالواجبات، على قدم المساواة”
10 دجنبر2022.. وفي غمرة احتفالات المنتظم الدولي باليوم العالمي لحقوق الإنسان، تواصلت فعاليات كأس العالم “قطر 2022″، بخوض فريقنا الوطني يومه السبت، لمباراته ـ برسم دور الربع ـ ضد المنتخب البرتغالي، حيث انتصر عليه بهدف لصفر؛ ليكون بذلك أول فريق عربي ـ آمازيغي/مسلم/إفريقي، يصل إلى المربع الذهبي؛
وهكذا وبعد تعادله السلبي في مباراته الأولى ضد صربيا، وانتصاره على التوالي على المنتخبين البلجيكي والكندي، انتقل منتخبنا الوطني إلى الدور الثاني على رأسه مجموعته؛ ليهزم في دور الثمن المنتخب الإسباني؛ ويلحق به اليوم في دور الربع ـ كما أشرت إلى ذلك أعلاه ـ المنتخب البرتغالي، رابطا الحاضر بالماضي، وكأننا نعيش نشوة معركة الزلاقة، وكذا نشوة معركة واد المخازن.. على أمل أن نعيش ـ مرة أخرى ـ نشوة طرد المستعمر الفرنسي من جديد؛
فرحة لا تتصور، هي أقرب إلى الهستيريا من أي شيء آخر.. فرحة عمت كل شعوب القارة الإفريقية، وكل الشعوب العربية الآمازيغية من المحيط إلى الخليج، وكل الشعوب الإسلامية، وكل الأقليات المستضعفة..
فرحة عمت كذلك جل العواصم الأوروبية والأمريكية والأسيوية.. حيث تعيش جاليات هذه الشعوب مجتمعة..
أعلام حمراء تتوسطها نجمة خضراء، غطت سماء المملكة المغربية من طنجة إلى الكويرة، برا وبحرا، في سابقة قل نظيرها.. بل وغطت كل مكان في قلب عربي آمازيغي.. أو قلب إفريقي، أو قلب مسلم، أو قلب، لم يجد متنفسا للتعبير عن ذاته ومهاراته، وتطلعاته .. وهمومه، إلا من خلال انتصارات المنتخب الوطني المغربي.. تلك الانتصارات التي تفيض دلالات متنوعة المشارب والمناهل.. لتصب جميعها في خانة “اتباث الذات”، “والثقة المعقولة في النفس”، و”الإيمان بالقدرة على الخلق والإبداع والتفوق والتميز”..
أعلام وزغاريد وأهازيج.. ودموع فرح، تريد أن ترسم الغد بألوان العيش الكريم، وربط المسؤولية بالمحاسبة، وبألوان الحق في الصحة، والحق في العلاج، وفي الحق التعليم، وفي الحق الشغل، وفي الحق السكن اللائق.. وأن تتشبث برسم الغد بألوان العدالة الاجتماعية.. لا بألوان قزحٍ مشجعةٍ على المثلية، وداعية ـ خلافا لكل ما هو فطري وطبيعي ومنطقي.. وديني وأخلاقي وإنساني ـ إلى تخلى الإنسان عن إنسانيته.. وعن رسالته في هذه الدنيا التي نجري فيها جميعا، على إيقاع شمس تجري لمستقر لها، مصداقا لقوله أعز من قائل، في سورة ياسين من محكم تنزيله: وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ۚ ذَٰلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ، وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّىٰ عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ، لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ ۚ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ؛
نعم فاليوم منتخبنا الوطني لكرة القدم، أبان على أنه الأقوى، والأنجع، والأمهر، والأصدق، والأفضل.. ـ لكم أن تختاروا ما شئتم من الكلمات ومن العبارات الراقية، لتصفوه بها ـ من كل الأحزاب السياسة، ومن كل تنسيقيات المجتمع المدني، ومن كل البرلمانات ومن كل الحكومات، ومن كل الديبلوماسيات.. على امتداد كوكبنا الأزرق هذا، في أن يُخرِج “الجميع” راضيا، وبمحض إرادته، مدفوعا فقط بأحاسيسه الجياشة، ومحاطا كذلك فقط بتطلعاته وأحلامه..، إلى الشوارع والساحات، معبرا عن فرحة لا توصف، وسعادة بأبعاد الحرية، وبمقاسات الديمقراطية، رغم ما يعيشه جزء كبير من هذا “الجميع”، من إقصاء، وتهميش، وتفقير، وأمية، وتخلف، وريع، وفساد عشعش في كل القطاعات والمجالات..
فما علينا، بعد هذا الدرس الكبير، الذي قدمه المنتخب الوطني المغربي، على رقعة المستطيل الأخضر في كل المباريات، إلا أن نستخلص الدروس العظمى، والعبر الجليلة، في التضحية، وفي الصدق، وفي الإخلاص، وفي التمسك بالأسرة والعائلة، وفي العض بالنواجد على القيم والمبادئ والأخلاق، وفي الإيمان “بالحق في النجاح”، وفي “الحق في مقارعة” “أصحاب الفيتو، ومن يدور في فلكهم”، وفي التفاني لشعار خالد يجمع كل المغاربة، داخل الوطن وخارجه: “الله، الوطن، الملك”؛
هي دروس وعبر عابرة للأزمنة وللأمكنة، موجة لكل مسؤول عن وضعِ، وعن موزنة، وعن تنفيد، وعن تتبع، وعن مراقبة، وعن تقييم السياسات العمومية.. موجهة لكل مسؤول يتصرف في المال العام؛
مازال الوطن بخير، ومازالت الأوطان كذلك بخير، طالما فيها قلوب رهيفة/رحيمة، تفيض مشاعر رقية.. قلوب مؤمنة بحقها في العيش الكريم، بكل ما تختزل العبارة من كرامة، ومن عزة نفس، ومن مروءة؛
لن نخوض في المنتدى الوطني لحقوق الإنسان، في استعراض هذه الدروس والعبر، لكونها صعبة الحصر في فقرات أو حتى في صفحات، كما هي صعب التقبل من لدن “أعداء النجاح”.. بل ولا يمكن لأي كان أن يحتكرها، أو يفرض عليها “إقامة جبرية” في تعريفات ضيقة.. إنها بمختصر العبارة “الوطنية”؛
بحق، إنها “نفس الوطنية”، الذي أخرجت المغاربة عن بكرة أبيهم، لاستقبال المغفور له الملك محمد الخامس، وهو عائد إلى أرض الوطن، حاملا بشرى الاستقلال..
وهي “نفس الوطنية”، التي جعلت 35000 ألف مغربية ومغربي، تلبي نداء المغفور له الملك الحسن الثاني، معلنا انطلاق المسيرة الخضراء..
وهي “نفس الوطنية” اليوم التي أخرجت كل شعوب المنطقة العربية ـ الأمازيغية/الإسلامية/ الإفريقية.. محتفلة بانتصارات منتخب مغربي، وجدت فيه ضالتها وآمالها وأحلامها وتطلعاتها..
وهي “نفس الوطنية”، التي نعيشها حاليا، مغمورين نشوة بها، حيث صاحب الجلالة الملك محمد السادس، ينزل إلى الشارع ـ رفقة “حرس خاص”، معدود على رؤوس أصابع اليد الواحدة، ليختلط بالشعب المغربي ـ ونفس الشيء بالنسبة لولي العهد المولى الحسن، والأمير المولى رشيد ـ محتفلا معه بهذه الإنجازات التاريخية الإشعاعية، التي تجاوزت كل الإنجازات الديبلوماسية الكبيرة، لتمثيلياتنا في الخارج؛
الحلم في طريقه إلى التحقيق، حيث لا يفصلنا على الفوز بكأس العالم لكرة القدم، بمونديال “قطر 2022″، سوى مقابلتان، الأولى ضد مستعمر الأمس “ماما فرنسا”، والثانية، ضد المنتصر في مقابلة كرواتيا والأرجنتين؛
لقد حان الوقت، لكي نصفع رياضيا، منتخب الديكة، كما صفع أجدادنا من قبل الاستعمار الفرنسي، وطردوه من بلادنا؛

فكل الدراسات، وأغلب التصريحات الديبلوماسية الأوروبية، تؤكد وتُجمع على أن فرنسا بنهبها ثروات إفريقيا وخيراتها، وباستمرارها في وضع يدها على بعض الأنظمة السياسية والمالية بالقارة السمراء، وبتماديها في دعمها لبعض الأنظمة العسكرية بها، رغما على إرادة شعوبها، تظل العائق الرئيس في وجه أي تقدم إفريقي، مما يساهم سلبا في ارتفاع وتيرة الهجرة السرية نحو القارة العجوز، الشيء الذي يخلق مشاكل اقتصادية واجتماعية لا حصر لها لجاراتها الأوروبية؛
والحالة هاته، فكل الأفارقة، وكل العرب، وكل الآمازيغ.. وكل المسلمين، بل وكل المتضررين من السياسة الخارجية الفرنسية، صفا واحدا وراء منتخبنا الوطني لكرة القدم.. وبصوت واحد كلهم يصيحون: “سيير.. سيير..سييير”؛
والمنتدى الوطني لحقوق الإنسان، وهو يستحضر من جهة، ما نصت عليه اللجنة الأولمبية الدولية في “ميثاقها الدولي” على أن “ممارسة الرياضة” حق أساسي ثابت ملزم، ويجب بالتالي أن تتاح لكل فرد، إمكانية ممارستها دون أي نوع من التمييز، وبالروح الأولمبية العالمية؛ كما يمكن أن تعزز المشاركة الرياضية حقوق الإنسان، من خلال تعظيم المصالح والقيم والتقاليد الإنسانية العالمية الراقية؛ ومن جهة ثانيا، وهو واعي بالدور الكبير والمتميز الذي تلعبه الرياضة داخل المشهد الحقوقي الدولي، إذ أنها تبقى أداة فعالة ومرنة لتعزيز أهداف السلام والتنمية، خاصة منذ بداية الأهداف الإنمائية للألفية في عام 2000، إذ لعبت الرياضة دوراً حيوياً في القرارات المتعددة الصادرة عن الجمعية العامة؛ حيث أن القرار 70/1، والمعنون بــ “تحويل عالمنا: خطة التنمية المستدامة لعام 2030″؛ والذي اعتمد في عام 2015، شكل استمرارا للإقرار بدور الرياضة في تعزيز التقدم الاجتماعي؛ على اعتبار أن هذه الأخيرة، هي أيضاً من العناصر التمكينية المهمة للتنمية المستدامة؛ هذا إلى جانب أن الجميع أصبح مقتنعا بالمساهمة المتعاظمة التي تضطلع بها الرياضة في تحقيق التنمية والسلام، بالنظر إلى دورها في تشجيع التسامح والاحترام، ومساهمتها في تمكين المرأة والشباب والأفراد والمجتمعات، من بلوغ الأهداف المنشودة في مجالات الصحة والتعليم والاندماج الاجتماعي؛ ومن جهة ثالثة، وهو مؤمن كذلك وبكل واقعية، أن الرياضة ليست مجرد نشاط بدني، بل هي جسر تكاملي ممتد، يربط ويمزج ـ في تناسق حتمي ـ بين التعليم، والثقافة، والموسيقى، والرقص، وكل الفنون الجميلة، لتعزيز حقوق الإنسان وتقويتها، كي يعيش الإنسان إنسانا بالفعل؛
يرى أي المنتدى الوطني لحقوق الإنسان، ونحن نعيش ـ وطنا وأمة، وقارة.. ـ لحظة تاريخية فارقة، تعزز دور المغرب ومكانته المتميزة داخل المنتظم الدولي، كقاطرة تنموية تنتمي لدول الجنوب، ما يلي:
1/ تثمين ما قطعه المغرب من خطوات كبرى، على مستوى الأوراش التنموية الكبرى التي تعرفها كل ربوع المملكة؛
2/ الفوز بكأس العالم لكرة القدم، “قطر 2022″، حق مشروع، وبل وحلم قريب المنال لمنتخب وطني ينتمي لشعب لا يؤمن بالمستحيل؛
3/ مساندتنا اللا مشروطة لأسود الأطلس، حتى الفوز بهذه الكأس العالمية؛
4/ كرة القدم، باعتبارها لعبة شعبية بامتياز، إلى جانب كونها متنفسا مهما لكل الشعوب ـ والمغرب أحد هذه الشعوب المغرمة باللعبة ـ فلا يجب أن تحجب علينا، تأهيلا أخر ضروري، نحن في أمس الحاجة إليها، من قبيل التأهل على مستوى، الفقر، والهشاشة، والتهميش والإقصاء.. والفوز على الفساد، وغلاء المعيشة، وارتفاع الأسعار، وهزم الريع، والحد من الفوارق الطبقية والمجالية، وتطهير المؤسسات من المفسدين، وإصلاح القضاء، والدفع في اتجاه استقلاليته الفعلية، وتفعيل مبدإ “ربط المسؤولية بالمحاسبة”، وخلق انفراج حقوقي، وتنظيف الحقل الحزبي، ووضع آليات جديدة لتحصين المؤسسات التشريعية، من ولوج المشبوه فيهم إليها، والإسراع بوضع آليات قانونية لمحاربة الإثراء بلا سبب.. إلخ؛
5/ المؤسسة الملكية، تظل صمام أمام لنا جميعا، ومحط إجماع جميع المغاربة؛ وعليه فعلى كل من حظي بثقة عاهل البلاد، أن يكون في مستوى هذه الثقة الكريمة الغالية، وبالتالي عليه التقيد بالتعليمات الملكية السامية، وأن يكون يضع نصب عينه القسم الذي أداه أمام جلالته، وهو يتسلم ظهير تعيينه؛
6/ الدور التاريخي العظيم، الذي قام به لاعبوا المنتخب الوطني ومدربهم الكفء، وهم يسطرون على امتداد محطات “مونديال قطر”، بمداد الفخر والاعتزاز، انتصارات المغرب على منتخبات عالمية، كانت وحتى سويعات قبيل مواجهتهم، تحتكر مقاعد التفوق والريادة؛ وهذه الانجازات المبهرة التي ما تزال مستمرة ومتواصلة، تطرح سؤال آنيا ومستفزا على كل مكونات الدولة المغربية :”أ لم يحن الوقت بعد، كي ننصف الجالية المغربية، التي منحتنا اليوم هؤلاء الأسود، وبالأمس القريب، قد ضخت نفس الجالية، في خزينة الدولة ـ في أكبر عملية مالية عرفتها خزينة المملكة ـ مبالغ مالية غير مسبوقة من العملة الصعبة.. أ لم يحن الوقت كي تكون هذه الجالية المتشبثة بأصولها وبمقدسات الوطن الغالي، والزارعة ـ في ذات الوقت ـ لحب الوطن في عروق أبنائها، أن تتمتع، على غرار مغاربة الداخل، بتمثيلة داخل الجهاز التشريعي المغربي؟
7/ لا بد من الإشادة بسلمية المسيرات والتجمهرات التي عرفتها كافة مدن وقرى المملكة وساحاتها، خلال كل الاحتفالات العفوية والتلقائية التي تعقب نهاية كل مباراة ينهيها فريقنا الوطني فائزا ومتأهلا؛ وفي ذلك أكثر من دليل على نضج الشعب المغربي وانضباطه؛
8/ شكر بلا حدود، لمنتخبنا الوطني، ولكل من وفر له ظروف النجاح والفوز والتأهيل.. حتى يسعد الملايين، داخل الحدود وخارجها؛
9/ الانخراط الدائم واللا مشروط، لكل مكونات المنتدى الوطني لحقوق الإنسان، في إنجاح كل المخططات والمشاريع والرامج والاستراتيجيات التنموية، في كل المجالات والميادين، التي تعرفها بلادنا، بكل إخلاص وتفان، ونكران للذات، ومسؤولية، وأمانة؛ مع استمرار طوحنا دوما إلى الأحسن والأفضل والأمثل والأجمل..

الدار البيضاء: السبت 10 دجنبر 2022،
عشية تخليد اليوم العالمي لحقوق الإنسان،
التي رافقت الاحتفالات العالمية بتأهل المنتخب المغربي إلى المربع الذهبي لمونديال “قطر 2022”
عن المكتب التنفيذي للمنتدى الوطني لحقوق الإنسان
رئيس المنتدى الوطني لحقوق الإنسان
د. محمد أنين

البريد الإلكتروني: [email protected] / الهاتف : 94 94 91 01 06
عنوان المخابرة: مكتب الأستاذ محمد بونعيم محام بهيئة الجديدة، رئيس المنتدى الوطني لحقوق الإنسان بالنيابة : 34 شارع باستور ـ الجديدة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى