ثمن النجاح

شق طريقه في الحياة بسرعة غير عادية، اجتاز كل الحواجز والعقبات، بدأ مشوار الحياة العملية مع عدد من زملائه وأبناء جيله، ولكنه تفوق عليهم جميعا، وأثبت تمايزا معنيا وفنيا غير عادي، بالإضافة إلى موهبة متوقدة لامعة. ولم يكن تمايزه على مستوى عمله فقط، بل امتد ليشمل صفاته الأخلاقية، فقد كان أمينا.. عفيفا.. شهما.. ذا مواقف متميزة مع أصدقائه يتحمل معهم وعنهم، وكان حضوره في أي مكان كفيلا بأن يضفي عليه وعلى الجميع الكثير من المرح والبهجة وكان ذكاؤه رغم صغر سنه علامة فارقة.
مجمل القول أن تمايزه كان على كل المستويات، ومن تمايزه هذا بالذات بدأت مشكلاته، فقد بدأ كل الفاشلين والعجزة وأنصاف الموهوبين في إطلاق سيل من الشائعات وطوفان من الهجوم عليه، وتفاوتت الاتهامات بدءا من تحميل غيره مسؤولية تفوقه ولمعانه، وانتهاء بنقد كل ما يتمتع به من صفات ومواهب وتجريده منها.
وظلت الحياة تسير به، كثير من الهجوم وقليل من الصدق، إلى أن جاء يوم أصبح مسؤولا في جريدة متخصصة، يومها كأن الدنيا انقلبت رأسا على عقب فقد ازداد عدد المهاجمين، وكثر عدد المنافقين، وتبرع كثير منهم بأن يصبحوا عيونا له وآذانا على الآخرين، وتطوع كثير ليوقعوا بينه وبين أصدقائه القدامى، وكلما ازداد تألقه ولمعانه زاد العاجزون من نقدهم وشائعاتهم، وزادت بطانة السوء في عرض خدماتها، إلا أنه على الرغم من كل شيء، كان يقول: إنني أزداد نجاحا كلما ازداد العاجزون من نفث سمومهم، وكلما تطوع أصدقاء المنصب ، وليس أصدقائي من تقديم سوء مشورتهم لي !! والمضحك أنني أفهم عجز هؤلاء ومرض أولاء وأصبر وأرضى.. لكن إلى متى؟ قلت له: هذه فاتورة يجب أن تسددها: إنها فاتورة نجاحك وتفوقك، ولن يكف الناس عنك حتى تنضم إليهم طابور العجزة والفاشلين! وقتها فقط سيكفون عنك، وسيتخلى عندها عنك كل أصدقاء المنصب، لكن طالما أنك متألق وناجح، فإن عليك أن تدفع ثمن النجاح والتميز والتفوق!

بقلم/ عايدة الغراوي- اسبانيا.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

x

‎قد يُعجبك أيضاً

رحمةطرانت…قصة مسار إمرأة “كوتش” كافحت وناضلت فأصابت.

بقلم / مريم الزهراء حافض. بالرغم من ظروفها الإجتماعية لم تستسلم الكوتش”رحمة طرانت” لعبث الحياة ...