الجديدة… وحكاية مفاتيح “بوزيان”

مدينة الجديدة ورغم هدوئها وسكونها تختزن تاريخا مجيدا حافلا بالأسماء التي وشمت ذاكرة المدينة أمثال “الباشا حمو” و لاسورطي الفرنسي “فاما” وكانت من بين المدن التي يعشقها المقيم العام الفرنسي “الجنرال ليوطي” ومن بين الأسماء المتداولة التي سيذكرها التاريخ رجل قوي كان اسمه “بوزيان” كان دوره الأساسي الوقوف بمدخل المدينة عبر طريق مراكش أو ما كان يعرف ب “القامرة” لحماية المدينة من دخول البدو حيث كان يصب “دواء البرغوث” فوق رأس وجسد البدوي القادم من البادية والذي يرغب في ولوج مدينة الجديدة، وكان دور “بوزيان” إجبار البدوي على ربط حماره بباب القامرة، ويرخص له بالتجوال طيلة اليوم بالمدينة، على أن يغادرها قبل مغيب شمس نفس اليوم، وكل من تم ضبطه بعد هذا الموعد بشوارع المدينة يكون مصيره السجن.
بوزيان أيام الحماية ظل ممسكا بمفاتيح المدينة بقبضة من حديد يقوم بواجبه في الحفاظ على رونق وجمالية المدينة، ولم تدرك ساكنة المدينة أهمية “بوزيان” إلا في السنوات الأخيرة بعدما اختلط الحابل بالنابل وأصبحت المدينة بدون أبواب، مشرعة في وجه الجميع، فأصبحنا نجد أناسا شبابا وشيبا يحملون مفاتيح في مداخل المدينة ن ليسوا كالسيد “بوزيان” الذي كان يرفض ولوج الغرباء عن المدينة، بل هؤلاء لا تهمهم سمعة المدينة، بل همهم الوحيد جمع المال.
وإنصافا لهذه الشريحة فإني ألتمس لها العذر فالفقر كاد أن يكون كفرا ونهجها هذا المسلك من أجل كسب قوتها اليومي، يجعلنا نتعاطف معها، لكن أن توزع مفاتيح المدينة بعشوائية على أسماء لم تقدم أي شيء للمدينة فهذا أمر غير مقبول، فلا أدري ما هي الإنجازات التي قام بها المدرب الجزائري “عبد الحق بنشيخة” ليتم تسليمه مفتاح مدينة الجديدة والذي لم يصنه وتنكر لساكنة مدينة أحبته وجعلته رمزا، فكيف السبيل لاسترجاع المفتاح من شخص خان قبائل دكالة برمتها؟ مفتاح آخر كان من نصيب هذه المدير العام لشركة “روتانا” الكويتي “سالم الهندي” سلمه إياه بمنتجع “مازﯖان”، وكان الدافع تبني شركة “روتانا” لمهرجان جوهرة،هذه الشركة العالمية في الإنتاج ستقود مهرجان المدينة نحو العالمية، لكن شيئا من ذلك لم يكن، وتم تسويق الوهم لعموم ساكنة المدينة وزوارها، وانسحبت شركة “روتانا” من المهرجان بشكل تدريجي ليضيع مفتاح آخر للمدينة بين لبنان والكويت.
الأكيد أن “بوزيان” لو كان على قيد الحياة سينتفض ويرفض أن تضيع مفاتيحه الذي ضحى من أجلها بوقته وراحته وتوزع على أسماء لم تقدم أي شيء للمدينة، بل الأدهى من ذلك منها من أساء لها وتنكر لها في أول منعرج يقود لمدينة البيضاء، و به وجب التنبيه والتحذير فالجديدة عروس الشواطئ لها ماضي مجيد ونرفض أن يلوث حاضرها من أجل أشخاص يريدون تلميع صورتهم على حساب إرث المدينة، فمفاتيحها لا تقدر بثمن ويجب أن تمنح لرجالات تستحقها.
المرحوم “بوزيان” صان الأمانة والتزم بالمسؤولية التي كلف بها وهي حماية باب المدينة “القامرة” من دخول الغرباء لإفساد كل ما هو جميل بها، بل كان حريصا على انتقاء الوافدين عليها وضبط ملامحهم و سلوكاتهم ومعرفة وجهتهم بها للحفاظ على أمن وسلامة وطمأنينة وسكينة المدينة وسكانها من المسلمين والفرنسيين واليهود المغاربة، أما اليوم فقد فتحت أبواب المدينة لكل من هب وذب، ورفع شعار”الثقافة رافعة تنمية المدينة” وخلق المهرجانات والتي لا تستقطب إلا المعتوهين وقطاع والشركات والجمعيات المتربصة لنهب ميزانية هذه المهرجانات “أموال الشعب”، فعمت الفوضى و الارتجالية واستفحلت الجريمة بكل أشكالها وغابت الطمأنينة والسكينة وراحة السكان وذهبت مصالحهم سدى (…)؟
فألف رحمة وبركة على روح “بوزيان” وأمثاله…

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

x

‎قد يُعجبك أيضاً

معرض الفرس بالجديدة… شركة الامن الخاصSPS في الموعد و على العهد باقية و مستمرة

تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس و تحت شعار “الفرس والتنميةالمستدامة”، نظمت الدورة ...