جهويات

حد السوالم‎ …. تحقيق ميداني لتلاميذ حول ضايات بالمنطقة

توطئة
بالسير عبر الطريق الإقليمية رقم 3603p ، بالمدخل الغربي لمدينة حد السوالم، تستقبلك طيور النورس بأصواتها لتروي حكاية حياة لطالما زخرت بها المدينة، حياة يشهد عليها تجمع سرب من طيور النورس حول ما تبقى من ضاية على الجانب الأيمن من الطريق،و قد تعرض الجزء الأكبر منها للدك من قبل آلة الإسمنت و هي عازمة على تحويلها لتجمعات سكنية لا زرقة فيها و لا خضرة من حولها. طيور النورس تشير بأجنحتها إلى ضايات حد السوالم الموسمية و تنادي بصوت حزين أهل المدينة و تسائلهم : هل تعلمون أن ضاياتكم كنز حقيقي ينتظر استكشافكم؟ . أما مياه الضايات فتناجي المسؤولين لإدراجها ضمن مخططات تهييء المدينة .و نحن بأعلى صوت نقول : ضايات مدينة من أجل عالم مستديم.
هدفنا من هذا الروبورتاج هو إثارة انتباه السكان و المسؤولين لهذا المورد الإيكولوجي المهمش. كما أننا نسعى إلى أن تصبح ضايات مدينتنا موردا اقتصاديا صديقا للبيئة و بديلا للأنشطة الصناعية التي تغزو المدينة. نرغب في رفع الظلم والحيف عن ضايات مدينتنا.
أولا : الضايات الموسمية بحد السوالم مورد إيكولوجي متجدد :
1- الضايات الموسمية إحدى المميزات الطبيعية للمدينة

تزخر مدينة حد السوالم بعدد كبير من الضايات الموسمية الشيء الذي جعل السيد إسماعيل بولحفة و هو تقني متخصص بجماعة حد السوالم و مكلف بمعالجة الضايات الموسمية تتبع وضعيتها يقول : “إن الضايات الموسمية هي إحدى مميزات مدينة حد السوالم” ،وفي إجابته عن سؤال كم يبلغ عدد تلك الضايات صرح بأنه لا يوجد إحصاء رسمي قبل أن يشرع في سرد أسماء الضايات الواقعة في تراب جماعة السوالم حيث نجد ضاية العطار وهي أكبر ضايات المدينة و ضاية العتروس وهي في طريقها للإندثار بسبب الزحف العمراني و ضاية الكنيفيد ثم الكروشيين و ضاية عن السبع. و هي أسماء متداولة بين ساكنة المنطقة.

2- كيف تكونت الضايات الموسمية بالمدينة
و عن طريقة تكون هذه الضايات صرحت لنا الأستاذة أسماء الروي في مقابلة معها وهي مهتمة بعلم البيئة أن تكون الضايات عموما يرجع إلى ثلاثة عوامل أساسية ،وهي: عامل التضاريس حيث سيادة المقعرات في المدينة ،ثم عامل نوعية التربة التي تكون غير نفوذة للمياه ،أما العامل الثالث فيرتبط بتدفق مياه الأمطار عبر المجاري المائية الموسمية و التي رغم تحويلها من طرف المسؤولين لا زالت ترسل مياهها إلى الضايات و خاصة ضاية العطار و ضاية العتروس…
3- ضايات المدينة منظومة إيكولوجية متكاملة العناصر:
قمنا بزيارة ميدانية لضاية العطار و ضاية العتروس ،و تأكد لنا بأن عمقها يتراوح تقريبا ما بين متر و متر و نصف ،ولاحظنا أن هذا الفضاء يتميز بتنوعه البيولوجي فالإضافة إلى النباتات المائية كعدس الماء و البوط المائي هناك أنواع من الطيور و الحشرات والضفاضع والأسماك… مما دفعنا للتوجه صوب السيد خليفة جنيد و هو من السكان المجاورين لضاية العطار و فاعل جمعوي ليعرفنا عن قرب على بعض الأنواع التي تعيش على مياه الضاية و في هذا الصدد صرح لنا بأن الضاية هي مقصد لعدد كبير من الطيور المهاجرة مثل اللقلاق الذي قلت زياراته بسبب تلوث مياه الضاية والنورس و طائر عوا فضلا عن دجاج الماء و الإوز والحمام الزاجل الذي يكثر هواته في المدينة و أيضا طائر الشحرور الذي يطلق عليه السكان إسم الجحمومية …

ضاية العطار منظر لأسراب طيور النورس عند الغروب بكاميرا التلميذ نعمان زعرات
السيد محمد فرجي و هو من السكان المنطقة و أصله أولاد حريز الغربية و التي مركزها حد السوالم حكى لنا بأن مياه الضايات كانت تستعمل لسقي المحاصيل الزراعية ، خاصة المازوزية منها كالذرة أو حينما تتأخر التساقطات ، وبذلك تلعب الضاية دور السد وخزان المياه ، كما صرح بأن الأعشاب التي تنمو في الضاية وخاصة البوط المائي الذي يطلق عليه سكان المنطقة إسم سلبو كان يستعمل في الماضي رفقة القصب من بناء مساكن (النوالة) واستعمل ولازال يستعمل في بناء مساكن الدواجن و المواشي، كما أن الأمهات استعملنه بعدما يجف كحطب للطبخ ، يضاف إلى ذلك أنه يعد مصدرا لتغذية الأبقار وغيرها.
وإلى جانب البوط المائي يشكل عدس الماء مصدرا غذائيا للحيوانات وكذا الكائنات المائية .

ثانيا : واقع الضايات الموسمية بمدينة حد السوالم :
1- الضاية بين إهمال المسؤولين و زحف الإسمنت
خلال الزيارة الميدانية التي قمنا بها لضاية العطار و ضاية العتروس إتضح لنا حجم الشهميش الذي تلقاه الضايات من قبل المسؤولين و عدم الاهتمام الذي تلاقيه من قبل السكان ،فقد أصبحت الضايات فضاء لرمي النفايات المنزلية و الأخطر هو أن البلدية قامت بربط ضاية العطار بالمجازر البلدية عبر قناة للتخلص من النفايات .
أما ضاية العتروس فلم يتبق منها إلا جزء صغير جدا حيث تم تحويلها إلى مطرح للأتربة والأحجار و بقايا البناء استعدادا لتحويلها إلى إقامات سكنية . مما يدل على أن المسؤولين لا يهتمون بالبيئة و الضايات عند وضع تصاميم المدينة أن بعض التجزئات السكنية أنشئت فوق ضايات ( نموذج تجزئات الوحدة والأمل والرجاء …) وهي مناطق تعرف فيضانات اليوم بالمدينة كلما تساقطت الأمطار لأنها كانت في الأصل عبارة عن ضايات .
2- رأي المسؤولين
هذا الوضع دفعنا للتوجه صوب المجلس البلدي لطرح مجموعة من التساؤلات على المسؤولين فوجدنا في استقبالنا السيد إسماعيل بلحفة وهو تقني مسؤول في مصلحة حفظ الصحة و مكلف بمعالجة وتتبع وضعية الضايات الموسمية بالمدينة و فيما يلي مضامين الاستجواب الذي أجريناه معه:
فيم تتجلى أهمية الضايات الموسمية بمدينة حد السوالم ؟
ج : كل شيء في الطبيعة مهم ،و الضايات الموسمية و بما أنها عنصر طبيعي فهي مهمة أيضا حيث تضمن استمرار مجموعة من الكائنات التي تقصدها من موسم لآخر كما أنها مكان لتجمع مياه الأمطار و منعها من التسبب في الفيضانات.
س : بحسب تتبعكم لوضعية الضايات ما هي الكائنات التي تستقطبها الضاية ؟
ج: هناك تنوع بيولوجي بضايات حد السوالم و هذا ما نعاينه أثناء تتبعنا لحالة الضايات فبالإضافة للبط و دجاج الماء و النورس و الزواحف و الضفاضع هناك بعض الأسماك.
س: ماهي أسباب استقطاب الضايات لهذه الكائنات ؟
ج: هناك سبب عام متعلق بنوعية المناخ المعتدل السائد في السوالم و سبب خاص يتعلق بالماء المتوفر في الضايات و هو أساس عيش هذه الكائنات.
س: كم يستمر وجود الماء في هذه الضايات ؟
ج: الأمر يختلف بحسب عمق الضايات و كمية التساقطات فمثلا و في أحسن الأحوال تدوم مياه ضاية العطارابتداء من نهاية شهر يناير إلى غاية متم يوليوز حيث تجف تماما.
س: هل تتم معالجة هذه الضايات ؟
ج: نعم تتم معالجتها بصفة دورية من طرف مصلحة حفظ الصحة حتى لا يتضرر السكان من التلوث الذي يلحقها خاصة و أنها مجال خصب لتكاثر الباعوض، لكن هذا الأمر غير كاف إذ نتمنى أن تبادر جمعيات المجتمع المدني لعقد شراكات مع المجلس البلدي من أجل تهيئة و تسييج هذه الضايات قصد حمايتها وكذلك لابد من تعاون الساكنة من خلال التوقف عن لرمي نفايات الاستعمال المنزلي بها.
س: هل يتم وضع الضايات بعين الإعتبار عند وضع تصاميم تهيئة المدينة ؟
ج : وجب على الجماعة الحفاظ عل الضايات باعتبارها تراثا بيئيا خاص بالمدينة و سكانها و قد نبهنا مرارا إلى أن دكها أو تحويلها إلى تجمعات سكنية ينطوي على مخاطر متعددة أبسطها ظهور الكوارث الطبيعية كالفيضانات
ثالثا : الضايات الموسمية بحد السوالم مورد إيكولوجي من أجل عالم مستديم
1- هل يمكن للضايات الموسمية بمدينة حد السوالم أن تحقق التنمية المستديمة ؟
خلال إنجازنا لهذا التقرير لاحظنا أن هناك اتفاقا بين المواطنين و المسؤولين و الفاعلين التربويين و المدنيين أن للضايات أهمية إيكولوجية بالغة كما استنتجنا أن الضايات عبارة عن منظومة متكاملة و متجددة و من هذا المنطلق نقول أن الضايات الموسمية بمدينتنا يمكن أن تحقق التنمية المستديمة لسكان المنطقة لكن ذلك لن يتحقق إلا إذا غيرنا سلوكات و مواقف و نظرة المسؤولين و السكان للضايات الموسمية ،
فإذا أعطينا العناية اللازمة لهذه الضايات يمكن لنا أن نجعل من مدينتا قطبا سياحيا طبيعيا الأمر الذي لن يتحقق إلا بإقناع المسؤولين بأن هذه الضايات يمكن أن تصبح موردا ماليا للمدينة فكيف يمكن تحقيق ذلك ؟
2- الحلول المقترحة
فوائد نبات البوط المائي و نبات السمار
من النباتات التي تظهر في ضايات مدينة حد السوالم هناك البوط المائي أو ما يسمى علميا TYPHA ، لهذا النبات فوائد عظيمة يمكن أن تغير نظرة السكان لضايات حد السوالم فله استخدامات طبية تتمثل في القدرة على الحد من الألم و علاج الالتهابات و تسكين النزيف . و قد أكد عدد من الباحثين الصينيين أن هذا النبات قادر على منع تكاثر الخلايا السرطانية لتوفره على مضادات الأكسدة .كما أنه يستخدم في مجال التجميل لأنه يتوفر على مركبات عضوية تحافظ على الجلد و تعالج الندوب الصغيرة و لدغات الحشرات…لذلك أدعو السكان إلى التوقف عن تلويث الضايات لأن ذلك سيؤدي إلى انقراض هذا النبات ،و في نفس الوقت أتمنى أن يتم الاهتمام بهذا النبات من طرف شركات القطاع الخاص.
حفصة الزاين
نبات السمار كنز طبيعي
أما نبات السمار فهو الأكثر انشارا من ضمن النباتات المائية بمدينة حد السوالم و اسمه العلمي هو جانكس أرابيسك و يتميز بقوة تحمله العالية للملوحة و لع العديد من الإستعمالات منها صناعة الورق و الأواني المنزلية و الأفرشة الصحية و الصديقة للبيئة ، لذلك فإن تأسيس إنشاء تعاونية بين شباب المنطقة للاهتمام بهذا النبات و استعمالاته سيمكن من خلق رواج اقتصادي إيكولوجي.
هشام بوكطيب
عدس الماء مورد إقتصادي صديق للبيئة
خلال فترات معينة من السنة تظهر بالضاية المجاورة للسوق القديم نباتات شبيهة بالعدس عرفنا فيما بعد أن إسمها هو عدس الماء، هذا الإسم دفعني أنا و زميلي في المجموعة إلى إنجاز بحث في الأنترنت عن هذه النبتة فتفاجأنا بفوائدها و ما يمكن أن توفره للمدينة. عدس الماء هو نبات سريع النمو إسمه العلمي LEMNACEAE و يضاعف نفسه كل 30 ساعة، يمكن استغلال هذا النبات في مجموعة من المجالات و من ضمنها إنتاج الوقود الحيوي بطريقة صديقة للبيئة كما يمكن أن يستعمل كعلف للمواشي فضلا عن أنه منظف سريع للماء. لذا فحن نقترح العمل على وضع مراكز لدراسة و زراعة هذا النبات في ضايات حد السوالم لأن الاهتمام به سيوفر للمدينة موارد مالية مهمة.
وصال الأوكريمي و صلاح الدين محسن
الضيات الموسمية حل لظاهرة البطالة بمدينة حد السوالم
تعاني مدينتنا من ارتفاع نسبة البطالة فكيف يمكن للضايات الموسمية المتواجدة يها أن تحد من هذه الظاهرة؟
نرى أن الضايات الموسمية يمكن أن تحقق التنمية المستديمة و ذلك بمحاربة ظاهرة البطالة، فالاعتناء بالضايات من قبل المسؤولين سيجعل منها مرفقا عموميا وقطبا سياحيا يقصده السياح من مختلف المناطق المجاورة للمدينة و خاصة البيضاء و الجديدة من أجل التعرف على الطيور المهاجرة و قضاء أيام العطلة الأسبوعية مما سيسمح للشباب العاطل ببناء مشاريع مدرة للدخل كالمقاهي ومحلات بيع الأغذية و فضاءات لعب الأطفال و كذلك الاهتمام بالزوارق و ممارسة الرياضات المائية وكذا هواية صيد الأسماك .لذلك نتمنى من المسؤولين العمل على الاهتمام بهذا المورد و ضمان استمراره لأن فقدانه سيحرم المدينة من إحدى خصوصياتها و تراثها البيئي.
بلكارح أنس و يونس أيت موح

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى